أحدث المواضيع
Loading...
‏إظهار الرسائل ذات التسميات اخترنا لكم. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات اخترنا لكم. إظهار كافة الرسائل

قصيدة روح وريحان ما بين الخلان جنّة رضوان في حضرتنا اداء اسي عمر

روح وريحان ما بين الخلان جنّة رضوان في حضرتنا
حضرة القدّوس محيا للنّفوس جنّة الفردوس تحتاج إلينا
من خمر العرفان سقينا كيزان من يد ولدان مخلّدينا
حال العارفين متقابلين على سرر مستبشرينا
أهل الحقائق بين الحدائق على نمارق متّكئينا
أبناء الحضرة لهم البشرى من قبل الأخرى معزّزينا
عباد الرّحمان في كل زمان لهم الأمان مطمئنّينا
لهم احترام في كل العالم وعند الكرام الكاتبينا
لهم افتخار عن كل البشر فهم الأحبار الوارثينا
نحن الأساند لنا شواهد كل الفوائد في صحبتنا
فهم الأبدال لهم الإقبال نوّاب الإرسال في العالمين
لهم الهيبة بهاء النسبة سمة القربى ترى علينا
** من ديوان الشيخ سيدي أحمد العلاوي المستغانمي .





من هو واحد ... واحد هو الله اسي عبد المجيد الكاضي و من معه

مديح .. من هو واحد ... واحد هو الله  اسي عبد المجيد الكاضي و من معه





 

مديح المنشد و المقرئ اسي أحمد الكندوز يبدع في مديح : الله الله يا م...


المنشد و المقرئ اسي أحمد الكندوز يبدع في مديح : الله الله يا مولانا من غيرك فاتح البيبان










عفوﺍ ﻳﺎﺻﺪﻳﻘﺘﻲ ...ﻓﺄﻣﻲ ﺃﻏﻨﻲ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻣﻦ ﺃﻣﻚ

 
ﻭﻗﻔﺖ ﻃﻔﻠﺔ ﻏﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ ﺗﻘﻮﻝ ﻟﺼﺪﻳﻘﺘﻬﺎ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮة
 
ﺃﻣﻲ ﺍﺷﺘﺮﺕ ﺳﻴﺎﺭﺓ ﺟﺪﻳﺪة.. ﻓﻬي أغنى ﻣﻦ ﺃﻣﻚ

ﺃﻣﻲ ﺍﺣﻀﺮﺕ ﻟﻨﺎ ﺷﻐﺎﻟة ﺟﺪﻳﺪة ﻟﺘﻬﺘﻢ ﺑﻨﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻬﺎ ..

 ﻓأﻣﻲ ﺍﻏﻨﻲ ﻣﻦ ﺍﻣﻚ...

ﺃﻣﻲ ﺍﺣﻀﺮﺕ ﻟﻨﺎ ﻃﺒﺎﺥ ﻣﺎﻫﺮ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﺈﻋﺪﺍﺩ أﺷﻬﻰ ﺍﻻﻃﺒﺎﻕ ﻟﺘﻬﺘﻢ ﺑﺼﺤﺘﻨﺎ ..

 ﻓأمي ﺃﻏﻨﻰ ﻣﻦ ﺍﻣﻚ...

ﺃﻣﻲ أﺣﻀﺮﺕ ﻟﻨﺎ ﻣﻤﺮﺿﺔ ﻟﺘﺴﻬﺮ ﻋﻠﻲ ﺭﺍﺣﺘﻨﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻜﻮﻥ ﻣﺮﺿﻰ ..

 ﻓأمي ﺍﻏﻨﻲ ﻣﻦ ﺍﻣﻚ...

ﺃﻣﻲ ﺍﺣﻀﺮﺕ ﻟﻨﺎ ﻣﺪﺭﺱ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻴﺬﺍﻛﺮ ﻟﻨﺎ ﺩﺭﻭﺳﻨﺎ .. 

ﻓأمي ﺍﻏﻨﻰ ﻣﻦ ﺃﻣﻚ...

ﻓﻘﺎﻃﻌﺘﻬﺎ ﺍﻟﻄﻔﻠﺔ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮة ﻗﺎﺋﻠة :

ﺍﻣﻲ ﺗﻌﺪ ﻟﻨﺎ ﺍﺟﻤﻞ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ ﻭﺗﻬﺘﻢ ﺑﻨﺎ ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ ﻭﺗﺴﻬﺮ ﻋﻠﻲ ﺭﺍﺣﺘﻨﺎ ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ
ﻭﺗﺬﺍﻛﺮ ﻟﻨﺎ ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ ﻓﻴﻜﻔﻴﻨﻲ ﻏﻨﺎﻫﺎ ﺑﺤﺒﻬﺎ ﻟﻨﺎ ﻭﺧﺼﻮﺻﺎ ﻭﻫﻲ ﺗﺄﻛﻞ ﻣﺎﺗﺒﻘﻰ ﻣﻨا

 ﺣﺘﻲ ﺗﻀﻤﻦ أﻧﻬﺎ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺖ أﻥ ﺗﺸﺒﻌﻨﺎ ..

ﺗﻌﻄﻴﻨﺎ ﺍﻟﺨﺒﺰ ﺍﻟﻄﺎﺯﺝ ﻭﺗأﻛﻞ ﻫﻲ ﺍﻟﺒﺎﺋﺖ
ﺗﻌﻄينا ﻟﺤﻮﻡ ﺍﻟﺪﺟﺎﺝ ﻭﺗﺄﻛﻞ ﻫﻲ ﺃﺟﻨﺤﺘﻬﺎ
ﺗﻌﻄﻴﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﺍﻟﺪﻭﺍﺀ ﻭﺗﺪﺍﺭﻱ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﺮﺿﻬﺎ
ﺗﺸﺘﺮﻱ ﻟﻨﺎ ﻣﻼﺑﺲ ﺟﺪﻳﺪﻩ ﻭﺗﺪﺍﺭﻱ ﻣﻦ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻋﻴﻨﻨﺎ ﺣﺬﺍﺋﻬﺎ ﺍﻟﻤﻤﺰﻕ


ﻓﻌﻔﻮﺍ ﻳﺎﺻﺪﻳﻘﺘﻲ ...ﻓﺄﻣﻲ ﺃﻏﻨﻲ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻣﻦ ﺃﻣﻚ


طرائف و نوادر الأعراب

من نوادر الأعراب


ألحَّ سائلٌ على أعرابيّ أن يعطيه حاجةً لوجه الله ، فقال الأعرابيّ : والله ليس عندي ما أعطيه للغير .. فالذي عندي أنا أولى الناس به وأحقّ ! فقال السائل : أين الذين كانوا يؤثرون الفقير على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ؟ فقال الأعرابيّ : ذهبوا مع الذين لا يسألون الناس إلحافا  .

**********************************

قيل لأعرابيّ : هل لك في النكاح ؟ قال : لو قدرت أن أطلق نفسي لطلقتها

*********************************

جيء بأعرابيّ إلى أحد الولاة لمحاكمته على جريمة أُتهم بارتكابها ، فلما دخل على الوالي في مجلسه ، أخرج كتاباً ضمّنه قصته ، وقدمه له وهو يقول : هاؤم إقرأوا كتابيه  ..

فقال الوالي : إنما يقال هذا يوم القيامة  .

فقال : هذا والله شرٌّ من يوم القيامة ، ففي يوم القيامة يُؤتى بحسناتي وسيئاتي ، أما أنتم فقد جئتم بسيئاتي وتركتم حسناتي  .

*********************************

حكى الأصمعي قال : كنتُ أسير في أحد شوارع الكوفة فاذا بأعرابيّ يحمل قطعةً من القماش ، فسألني أن أدلّه على خياطٍ قريب . فأخذته إلى خياطٍ يُدعى زيداً ، وكان أعور ، فقال الخياط : والله لأُخيطنّه خياطةً لا تدري أقباء هو أم دراج ، فقال الأعرابيّ : والله لأقولن فيك شعراً لا تدري أمدحٌ هو أم هجاء .
فلما أتم الخياط الثوب أخذه الأعرابيّ ولم يعرف هل يلبسه على انه قباء أو دراج ! فقال في الخياط هذا الشعر :

  خَاطَ لي زَيْدٌ قِبَاء         ليتَ عينيه سِوَاء

فلم يدرِ الخياط أدُعاءٌ له أم دعاءٌ عليه .

*******************************

وقف أعرابيّ على قوم فسألهم عن أسمائهم فقال أحدهم : اسمي وثيق ، وقال الآخر منيع ، وقال الآخر ثابت وقال آخر اسمي شديد ، فقال الأعرابيّ : ما أظن الأقفال عملت إلا من أسمائكم .

******************************

أقبل أعرابيّ يريد رجلاً وبين يدي الرجل طبق تين ، فلما أبصر الأعرابيّ غطى التين بكسائه والأعرابيّ يلاحظه ، فجلس بين يديه فقال له الرجل : هل تحسن من القرآن شيئاً ، قال : نعم ، قال إقرأ ، فقرأ : والزيتون وطور سينين ، فقال الرجل فأين التين ؟ فقال الأعرابيّ : التين تحت كسائك ! .

*****************************

تزوج شيخ من الأعراب جاريةً من رهطه ، وطمع أن تلد له غلاماً فولدت له جارية ، فهجرها وهجر منزلها وصار يأوي إلى غير بيتها ، فمر بخبائها بعد حول وإذا هي تُرَقِّص بُنَيَّتَها منه وهي تقول :

       ما لأبي حمزة لا يأتينـا          يظل في البيت الذي يلينا

      غضبان أن لا نلد البنينا          تالله ما ذلك في أيدينــا

                         وإنما نأخذ ما أعطينا

فلما سمع الشيخ الأبيات مَرَّ نحوهما حتى ولج عليهما الخباء وقبل بُنيّتها وقال : ظلمتكما ورب الكعبة

***************************

قال الأصمعي : أصابت الأعراب مجاعة فمررت بأعرابي قاعد مع زوجته على قارعة الطريق وهو يقول :

 يا رب اني قاعد كما  ترى              وزوجتي قاعدة كما ترى

والبطن مني جائع كما ترى             فما ترى يا ربنا في ما ترى ؟

****************************

كان أبو علقمة من المتقعرين في اللغة واستعمال وحشي الكلام وغريب اللفظ ، فانقطع إلى أبي علقمة النحوي غلام يخدمه ، فأراد أبو علقمة الدخول في بعض حوائجه فقال للغلام :

يا غلام ، أصقعت العتاريف ؟

فقال الغلام : زقفيلم . (يريد أن يؤدب الرجل )

قال أبو علقمة : وما زقفيلم ؟

قال له الغلام : وما صقعت العتاريف ؟

قال : قلت لك : أصاحت الديوك ؟

قال : وأنا قلت لك : لم يصح منها شيء .

 ******************************

كيف تبتعد عن المعاصي ؟

الوسائل التي تعينك على ترك المعصية:

1- الدعاء.. وهو أعظم دواء وأنفع علاج لكل بلاء.
يا أيها التائب.. يا أيتها التائبة يا من يريد ترك الذنوب ارفع يديك إلى الذي يسمع الدعاء ويكشف البلاء، لعل الله أن يرى صدقك ودموعك وتضرعك فيعينك ويمنحك القوة على ترك الذنوب.
قال تعالى: (( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ))[غافر:60] وقال: (( أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ))[النمل:62].
وكم من رجل وامرأة كانا يجدان صعوبة في ترك بعض الذنوب ولكنهم لما التجئوا إلى الله وجدوا التوفيق والعون الرباني، وما أجمل الدعاء في السجود في تلك اللحظة ” وأنت ساجد تكون قريباً من الله “.
قال صلى الله عليه وسلم: ( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء ) رواه مسلم [ 744 ] . فيا غالي ويا غالية ” ابك في سجودك وأبشر بخير “.


2- المجاهدة؛ لا تظن أن ترك المعصية يكون بين يوم وليلة.. إن ذلك يحتاج إلى مجاهدة وصبر ومصابرة، ولكن اعلم أن المجاهدة دليل على صدقك في ترك الذنوب وربنا تبارك وتعالى يقول: (( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ))[العنكبوت:69].


3- معرفة عواقب المعصية ونتائجها؛ إنك كلما تفكرت في النتائج المترتبة على الذنوب فإنك حينها تستطيع تركها.
فمن عواقب الذنوب ” الهم والغم والحزن والاكتئاب والضيق، والوحشة بينك وبين الله.. وغيرها من عواقب الذنوب “ انظر كتاب ” الجواب الكافي ” لترى مجموعة من عواقب الذنوب التي ذكرها ابن القيم رحمه الله تعالى.


4- البعد عن أسبابها ومقوياتها؛ فإن كل معصية لها سبب يدفع لها ويقويها ويساهم في الاستمرار فيها، ومن أصول العلاج: البعد عن كل سبب يقوي المرض.


5- الحذر من رفيق السوء؛ فإن بعض الشباب يريد ترك المعصية ولكن صديقه يدفعه، وفي الحديث الصحيح: ( الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) حسن. صحيح الجامع [ 5858 ] .
فوصيتي لك: ” ابتعد عن صديق السوء ” قبل أن تكون ممن قال الله فيهم (( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولًا ))[الفرقان:27-29] .


6- تذكر فجأة الموت (( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ))[آل عمران:185] فهل تخيلت أن الموت قد يأتيك وأنت تنظر إلى القنوات؟ لو جاءك الموت وأنت تكلم تلك الفتاة؟ يا ترى لو فاجأك الموت وأنت نائم عن الصلاة؟ حينها ماذا تتمنى؟.
(( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ))[المؤمنون:99-100] إنه يتمنى الرجوع إلى الحياة لا ليستمتع بها ولا ليسهر على القنوات بل ليعمل صالحاً.. نعم ليتوب.. ليصلي.. ليترك المحرمات.


7- تذكر عندما توضع على مغسلة الأموات عندما توضع على السرير لكي يغسلونك وأنت جثة هامدة لا تتحرك وهم يحركونك، هناك لن تنفعك الذنوب ولا السيئات.


8- تذكر عندما تحمل على الأكتاف سوف يحملونك وأنت جنازة، فيا سبحان الله أين قوتك ؟ أين شبابك ؟ أين كبرياءك ؟ أين أصدقاءك ؟؟ لن ينفعك هناك إلا عمل صالح قد فعلته.


9- تذكر عندما توضع في القبر هناك يتركك الأهل والأصحاب ولكن أعمالك ستدخل معك في قبرك.. فيا ترى ما هي الأعمال التي ستكون معك في قبرك.. هل هي القنوات؟ والملهيات؟ والصور والمجلات؟.


10- تذكر العرض على الله (( وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ))[البقرة:281] سوف تقف بين يدي الله يا من يسهر على القنوات.. نعم والله ستقف يا من ينام عن الصلوات.. يا من يسافر إلى بلاد الآثام.. (( يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ))[الحاقة:18].
هناك من ينفعك؟ هناك من ينصرك؟ وأنت يا أختاه هناك من الذي سيقف إلى جانبك؟ يا من أهملت الحجاب.. يا من نمصت.. يا من لبست العباءة الضيقة والمطرزة أنسيت ذلك الموقف؟ ((وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ))[البقرة:223].


11- إذا أردت أن تترك المعصية فتذكر المرور على الصراط.. ذلك الجسر الذي يوضع على متن جهنم.. ” أحد من السيف وأدق من الشعرة ” قال تعالى: (( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ))[مريم:71].
قال العلماء: هذه الآية دليل على المرور على النار؛ هناك تضع قدمك لكي تعبر عليه والنار من تحتك والمكان مظلم.. والناس يتساقطون ويصيحون ويبكون.
ومن الناس من يثبته الله على الصراط لأنه ” كان ممن يراقب الله ويخاف من الله ويعمل بطاعة الله ويبتعد عن معصية الله ” قال تعالى: (( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ))[إبراهيم:27].
هناك تعرف قيمة الصلاة وقيمة الحسنات, في ذلك المكان تندم على كل نظرة وعلى كل كلمة لا ترضي الله هناك تبكي ولكن لا ينفع البكاء.


12- تذكر الميزان الذي يوضع يوم القيامة، وتوزن فيه الحسنات والسيئات.. إنه ميزان دقيق (( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ))[الأنبياء:47].
يا ترى هل تفكرت في هذا الميزان أخي الشاب؟ وأنت يا أختاه هل حاسبت نفسك على ذنوبك التي ستوضع في ذلك الميزان؟ (( فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ))[المؤمنون:102].
إنهم الذين حافظوا على طاعة الله.. إنهم الذين ابتعدوا عن الذنوب والعصيان… (( وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ))[المؤمنون:103] إن الذي خف ميزانه هو الذي أساء في تعامله مع ربه.. هو الذي أعرض عن ربه.. هو الذي كثرت سيئاته وقلت حسناته.


13- تذكر الحوض الذي يكون لنبينا صلى الله عليه وسلم؛ طوله شهر وعرضه شهر, أحلى من العسل وأبيض من اللبن، وأطيب من المسك، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً، إن ذنوبك قد تمنعك من الشرب من ذلك الحوض، فاترك الذنوب الآن.


14- معرفة حقارة الدنيا ((وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ))[آل عمران:185] فكيف تؤثر الدنيا الحقيرة على الآخرة الباقية التي لانهاية لها، كيف تعمل معصية قد تحرمك من جنة عرضها السماوات والأرض؟.


15- الإرادة القوية؛ لا بد أن تكون صاحب إرادة قوية لكي تقوى على ترك الذنوب والشهوات.


16- تذكر اسم الرقيب ((وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا ))[الأحزاب:52] فالله يراقبك ويعلم بحالك ويراقب تحركاتك ونظراتك وسمعك وقلبك ((وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ ))[الأحزاب:51] فإذا دفعتك نفسك للذنوب فقل لنفسك: ” إن الله يراني “.


17- احذر من أن تكون من هؤلاء: قال صلى الله عليه وسلم: ( ليأتين أقوام من أمتي بحسنات أمثال جبال تهامة يجعلها الله هباء منثوراً. قال الصحابة: منهم يا رسول الله ؟ قال: أما نهم مثلكم يصلون كما تصلون ويصومون كما تصومون ولهم من الليل مثل مالكم ولكنهم إذا خلو بمحارم الله انتهكوها ) صحيح. صحيح الترغيب والترهيب [ 2346 ].
نعم.. إنهم عندما يكونون لوحدهم يبدءون في ممارسة الذنوب والشهوات، فهذا يسهر على القنوات ولا يحب أن يعلم به أحد من أهله، وتلك الفتاة ترتكب السيئات عندما تغلق الباب على نفسها.. إنهم الذين لم يفكروا في نظر الله لهم ولم يبالوا باطلاع الله على أعمالهم.


18- تذكر شهادة الجوارح عليك.. تذكر يا أخي قبل أن تفعل أي معصية أن الجوارح التي سوف تعمل المعصية بها أنها ستشهد عليك 

وستفضحك ليس هنا بل في أرض المحشر (( الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ))[يس:65].
يا سبحان الله.. من أنطق اليدان؟ من أنطق القدمان؟ إنه الله جل في علاه.. وقال تعالى: (( حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ))[فصلت:20](( وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ ))[فصلت:21]. فلا إله إلا الله ما أعظم الله.
وأنت يا أختاه تذكري عندما تنطق الجوارح في ذلك اليوم العصيب، فيا حسرتاه على تلك النظرات، ويا أسفاه على تلك الكلمات.


19- تذكر كتابة الملائكة لأعمالك، فالملائكة تكتب أعمالك وأقوالك كما قال تعالى: (( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ))[الانفطار:10- 12] .
ولا يخفى عليهم شيء، وتستمر الملائكة في كتابة أعمالك حتى تخرج روحك من الحياة، وبعدما تموت.. ينتهي كتابك ولكن لك موعد معه في أرض المحشر عندما تُعطى ذلك الكتاب ويقول الله لك: (( اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ))[الإسراء:14].
فيا ترى ماذا سوف تقرأ يا أخي المسلم.. يا من يسهر على المحرمات هل علمت بأن الملائكة قد كتبت عليك أعمالك؟ يا من يشرب الدخان هل تعلم أن الملائكة قد سجلت عليك خطاياك؟.
يا من ينام عن الصلوات هل تذكرت كتابة الملائكة لأعمالك؟ وأنت يا أختاه لقد كتب عليك الملائكة كل شيء.. وسوف تقرأين ذلك الكتاب يوم القيامة يوم الفضائح ((يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ))[النبأ:40].


21- الزم الذين تنتفع برؤيتهم قبل كلامهم؛ لأن الإنسان يتأثر بمن يجالس و( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) حسن. مختصر السلسلة الصحيحة [ 927 ] والقرين بالمقارن يقتدي.
وكم من إنسان أراد أن يترك الذنوب ولكن صديق السوء جعله يغير رأيه وقراره، وكم من شاب أراد الهداية ولكن صاحب السوء منعه من ذلك، وكم من فتاة قررت الرجوع إلى الله وترك الشهوات ولكن صديقة السوء هي السبب في استمرارها في طريق الضلالة.
فيا من يريد ترك المعاصي ” ابتعد عن كل صديق يذكرك بها، وامسح رقم جواله، ولا تمر من أمام بيته ” وسترى الهداية بإذن الله تعالى.


22- جالس التائبين من تلك المعصية ليخبروك بكيفية تركهم لها؛ لأن هؤلاء التائبين قد سبق أن فعلوا تلك المعاصي وسبقوك لها وعرفوا نهاياتها فأنت عندما تجلس معهم فسيخبروك بأن طريق الذنوب هو طريق الهموم والسموم والأحزان.


23- املأ فراغك ” بأي شيء نافع من أمور الدين أو الدنيا ” نعم.. لابد أن تملأ فراغك بأي شيء مباح سواء ” لعب أو رياضة أو زيارة ونحو ذلك ” لأن بقاءك فارغاً يعطي الشيطان فرصة في أن يوسوس لك بالذنوب والشهوات.
وأنت يا أختاه إن الفراغ سبب في بداية الضياع والانحراف فلا بد من الحرص على استغلال الوقت بما ينفع.


24- أخي.. أختي لابد من إيجاد البديل، فمثلاً: سماع الأناشيد الإسلامية النافعة والمؤثرة تعتبر بدلاً عن سماع الأغاني والموسيقى, والخروج للنزهة البريئة تعتبر بدلاً عن الخروج في الأمور المحرمة، والسفر للسياحة في البلاد المحافظة يعتبر بدلاً عن السفر للسياحة في بلاد الكفر والانحلال.


25- طلب العلم؛ لأن العلم ينير لك الطريق فتعرف به الخير من الشر، والعلم يبصرك بمداخل الشيطان عليك لكي تحذرها، والعلم يخبرك بالأمور التي ترفعك منازل عند الله تعالى، فاحرص على طلب العلم لعله يكون سبباً لابتعادك عن الشهوات.


26- دور الأب في تسهيل المعاصي، فيجب على الأب أن يساهم في تقليل المعاصي في البيت؛ وذلك بتطهير البيت من وجود أجهزة الفساد، والحرص على تربية الأبناء التربية الصحيحة.


27- علاقة الوالدين بالأبناء، فعلاقة المحبة والمودة والتفاهم بين الآباء والأبناء لها دور كبير في تقليل الذنوب؛ وذلك لأن بعض البيوت يغلب عليها التفكك الأسري مما يسبب الضياع والانحراف لدى الأبناء والبنات.


28- الاستغناء عن الكماليات؛ لأن الإسراف والتبذير والترف طريق الشيطان، والغنى من دوافع المعاصي.


29- دور الدعاة في تقليل المنكرات، وليعلم الدعاة – وفقهم الله – أن لهم دوراً كبيراً في تقليل الذنوب بسبب ما يقومون به من أنشطة دعوية، وكم من داعية كان سبباً في منع معصية أو تخفيفها، وكم من برنامج دعوي كان سبباً في هداية الشباب والفتيات.


30- التفكير في الفوائد المترتبة على ترك الذنوب، فلماذا لا تفكر في الفوائد التي تحصل لك عندما تترك المعاصي؛ فمنها: انشراح الصدر، وسلامة الروح وصفاء النفس، ومحبة الله والفوز بالجنة وغير ذلك.


31- تذكر قصص الهالكين، نعم.. إذا حدثتك نفسك بالذنوب فتذكر أولئك الشباب الذين ماتوا على ذنوبهم؛ فهذا مات وهو يعزف العود، وهذا مات وهو يستمع إلى شريط الغناء، وآخر مات وهو تارك للصلاة، فمن لهم الآن وهم في قبورهم؟.
لقد ماتوا وانقضت أعمارهم فهل نفعتهم تلك القنوات وتلك الشهوات؟ أين الشباب والقوة؟!.
وأنت يا أختاه تذكري قصص الفتيات الغافلات؛ فهذه تموت وهي مع صديقها في السيارة بعدما ارتكبت جريمة الزنا، وتلك تموت وقد لبست البنطلون الضيق لتفتن الرجال، ولكنها تموت وهذا البنطلون عليها فلما أرادوا خلعه بعد موتها إذا به يلتصق بجسدها ولا يخرج وإلا ومعه بعض الجلد والله المستعان.


32- تذكر لو كنت من أهل النار يوم تقلب في النار, قال تعالى: (( يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا ))[الأحزاب:66].
يا سبحان الله أين مكانهم؟! في النار، يتقلبون على النار، أين وجوههم؟ على النار. نعم.. تلك الوجوه التي كانت تنظر إلى الحرام.. تلك الأجساد التي لم تتقرب إلى الله سوف تتقلب في النار وبئس المصير.


33- تذكر أن الجوارح من النعم، فهل تذكرت ذلك الذي فقد سمعه أو بصره أو يده أو قدمه؟.
إن هؤلاء يتمنون أن تعود لهم جوارحهم لكي يستمتعوا بها ولكي يستخدموها فيما يرضي الله تعالى، ولكنك أخي وأنت يا أختاه ممن يبارزون الله بارتكاب الآثام بهذه الجوارح، فأين شكر النعم ؟!.


34- تذكر أنت لماذا موجود، حينها تعرف الغاية من سبب وجودك؛ إن الغاية من وجودك هي ” العبادة ” كما قال تعالى: (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ))[الذاريات:56] فأنت لم تخلق لتلعب أو لتمرح أو.. بل لتعبد الله، فهل قمت بهذه الغاية ؟ أم أنك أضعت حياتك في اللهو واللعب ؟.


35- الصدق مع الله.. واعلم بأن من صدق مع الله في ترك الذنوب فسوف يشرح الله صدره ويفتح له أبواب التوبة.


36- اجعل والديك يدعوان لك؛ لأن دعاء الوالدين مستجاب.


37- أن تعلم أن الشيطان يريد إضلالك، وسيفعل كل ما يستطيع لأجل أن يعيدك إلى تلك الذنوب التي كنت تعملها.. قال تعالى: ((إِنَّمَا يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ))[فاطر:6].
فاعرف ذلك واستعذ بالله منه (( وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ))[الأعراف:200].


38- ترك الصغائر؛ لأن الذي يتساهل في ارتكاب الصغائر سيقع في الكبائر.


39- إلقاء جميع آثار الجاهلية، فلا بد أن تزيل كل ما تبقى من آثار الجاهلية من الذنوب مثل ” الصور.. سواء صور المجلات أو صور النساء في الجوال أو التي في الجرائد أو أشرطة الغناء.. الدش.. حبوب المخدرات.. الدخان.. أرقام الفتيات ” لابد من إزالة جميع ما يذكرك بالماضي حتى لا تعود إليه.


40- اعلم أن الهداية لا تأتيك مجاناً، بل يلزمك أن تبحث عنها وتسعى لتحقيقها وتثبيتها في قلبك، وفي الحديث القدسي: ( يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم ) صحيح مسلم [ 4674 ] .


41- اليقين أن الابتلاء لا بد منه، فقد تسعى لترك المعصية ولكنك تتفاجأ وإذا بالفتنة تتزين لك من طريق آخر، وهكذا ” جاهد نفسك ” وفي الحديث: ( إذا أحب الله قوماً ابتلاهم ) صحيح. صحيح الترغيب والترهيب [ 3406 ] .


42- الجلوس مع العلماء الذين يبذلون للدين؛ لأنك عندما تجلس معهم فسوف ترى فيهم البذل للدين وعلو الهمة في معالي الأمور بحيث ” تحتقر ذنوبك وشهواتك التي عملتها “.


43- استشعار عظمة الله، كما قال بعض السلف: ” لا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر عظمة من عصيت، فإن حدثتك نفسك بالمعصية فقل لنفسك أتدرين من تعصين ؟ “.
إنه الله جل في علاه.. إنه الله الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.. إنه الله الذي له ملك السماوات والأرض.. إنه الله الذي بيده مقاليد الأمور.. إنه الله الذي تسبح له الكائنات وتخضع له السماوات.


44- معرفة فضائل الصبر.. فاعلم يا أخي أنك عندما تعاني من الصبر على تلك المعصية أنك مأجور ولك من الحسنات ما لا يخطر في البال واقرأ في فضائل الصبر ((إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ))[البقرة:153] ((وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ))[آل عمران:146] ((وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ))[النحل:126].
والملائكة عند أبواب الجنة ترحب بأهل الجنة وتقول لهم: (( سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ ))[الرعد:24].


45- حسن الظن بالله والثقة به، وأن توقن أن الله قادر على أن يوفقك إلى الهداية وإلى ترك الذنوب، مهما كانت ذنوبك كثيرة أو صعبة.


46- وأخيراً: عليك بتقوية الإيمان والتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة؛ لأن الله يقول: ( من تقرب مني شبراً تقربت منه ذراعاً، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة ) صحيح البخاري [ 6856 ].
وأسأل الله لي ولك التوفيق والثبات على الطريق الذي يرضي الله تعالى.

 

قصة عبيد بن عمير و المرأة الفاتنة


كانت امرأة جميلة بمكة، وكان لها زوج ، فنظرت يوما إلى وجهها في المرآة، فأعجبت بجمالها، فقالت لزوجها :

أترى يرى أحد هذا الوجه لا يفتتن به ؟!

قال : نعم .

قالت : من ؟

قال : عبيد بن عمير.

قالت : فأذن لي فيه فلأفتننه ! !

قال : قد أذنت لك ! !

فأتته كالمستفتية، فخلا معها في ناحية من المسجد الحرام ، ،فأسفرت المرأة عن وجهها، فكأنها أسفرت عن مثل فلقة القمر.

 فقال لها : يا أمة الله !

 فقالت : إني قد فتنت بك ، فانظر في أمري .

 قال : إني سائلك عن شيء ، فإن صدقت ، نظرت في أمرك .

 قالت : لا تسألني عن شيء إلا صدقتك .

 قال : أخبريني لو أن ملك الموت أتاك يقبض روحك أكان يسرك أني قضيت لك هذه الحاجة؟

قالت : اللهم لا.

قال : صدقت .

قال : فلو أدخلت في قبرك ، فأجلست لمساءلة أكان يسرك أني قد قضيت لك هذه الحاجة؟

قالت : اللهم لا.

قال : صدقت .

قال : فلوأن الناس أعطوا كتبهم لا تدرين تأخذين كتابك بيمينك أم بشمالك ، أكان يسرك أني قضيت لك هذه الحاجة؟

 قالت : اللهم لا.

 قا ل : صدقت .

قال : فلو أردت المرور على الصراط ، ولا تدرين تنحني أم لا تنحني ، أكان يسرك أني قضيت لك هذها لحاجة؟

 قالت : اللهم لا .

قال : صدقت .

قال : فلو جيء بالموازين ، وجيء بك لا تدرين تخفين أم تثقلين ، أكان يسرك أني قضيت لك هذه ا لحاجة ؟

 قالت : اللهم لا.

 قال : صدقت .

 قال :فلو وقفت بين يدي الله للمساءلة أكان يسرك أني قضيت لك هذه الحاجة؟

 قالت : اللهم لا.

قال : صدقت . ثم قال لها: اتق الله يا أمة الله . فقد أنعم الله عليك ، وأحسن إليك. فرجعت إلى زوجها .

فقال لها: ما صنعت ؟ فقالت له : أنت بطال ، ونحن بطالون ، ثم أقبلت

على الصلاة ، والصوم ، والعبادة . فكان زوجها يقول : مالي ولعبيد بن

 عمير أفسد علي زوجتي ، كانت كل ليلة عروسا، فصيرها راهبة

قصة توبة الشيخ خالد الراشد على يدي إبنه سالم



القصة جميلة جدا و مؤثرة أقراها بتمعن أقرأوها وتمعنوا فيها... أثابكم الله وقد ذكرها الشيخ خالد الراشد كثيرا... ويُقال انها قصته الشخصية:
لم أكن جاوزت الثلاثين حين أنجبت زوجتي أوّل أبنائي.. ما زلت أذكر تلك اليلة .. بقيت إلى آخر اليل مع الشّلة في إحدى الاستراحات.. كانت سهرة مليئة بالكلام الفارغ.. بل بالغيبة والتعليقات المحرمة... كنت أنا الذي أتولى في الغالب إضحاكهم.. وغيبة الناس.. وهم يضحكون.
أذكر ليلتها أنّي أضحكتهم كثيراً.. كنت أمتلك موهبة عجيبة في التقليد.. بإمكاني تغيير نبرة صوتي حتى تصبح قريبة من الشخص الذي أسخر منه.. أجل كنت أسخر من هذا وذاك.. لم يسلم أحد منّي أحد حتى أصحابي.. صار بعض الناس يتجنّبني كي يسلم من لساني.
أذكر أني تلك اليلة سخرت من أعمى رأيته يتسوّل في السّوق... والأدهى أنّي وضعت قدمي أمامه فتعثّر وسقط يتلفت برأسه لا يدري ما يقول.. وانطلقت ضحكتي تدوي في السّوق..
عدت إلى بيتي متأخراً كالعادة.. وجدت زوجتي في انتظاري.. كانت في حالة يرثى لها.. قالت بصوت متهدج: راشد.. أين كنتَ ؟
قلت ساخراً: في المريخ.. عند أصحابي بالطبع ....
كان الإعياء ظاهراً عليها.. قالت والعبرة تخنقها: راشد… أنا تعبة جداً ..... الظاهر أن موعد ولادتي صار وشيكا ..
سقطت دمعة صامته على خدها.. أحست أنّي أهملت زوجتي.. كان المفروض أن أهتم بها وأقلّل من سهراتي... خاصة أنّها في شهرها التاسع .
حملتها إلى المستشفى بسرعة... دخلت غرفة الولادة... جعلت تقاسي الآلام ساعات طوال.. كنت أنتظر ولادتها بفارغ الصبر.. تعسرت ولادتها. فانتظرت طويلاً حتى تعبت.. فذهبت إلى البيت وتركت رقم هاتفي عندهم ليبشروني.
بعد ساعة.. اتصلوا بي ليزفوا لي نبأ قدوم سالم ذهبت إلى المستشفى فوراً.. أول ما رأوني أسأل عن غرفتها.. طلبوا منّي مراجعة الطبيبة التي أشرفت على ولادة زوجتي.
صرختُ بهم: أيُّ طبيبة ؟! المهم أن أرى ابني سالم.
قالوا، أولاً راجع الطبيبة ..
دخلت على الطبيبة.. كلمتني عن المصائب ..... والرضى بالأقدار . ثم قالت: ولدك به تشوه شديد في عينيه ويبدوا أنه فاقد البصر !!
خفضت رأسي.. وأنا أدافع عبراتي... تذكّرت ذاك المتسوّل الأعمى الذي دفعته في السوق وأضحكت عليه الناس.
سبحان الله كما تدين تدان ! بقيت واجماً قليلاً.. لا أدري ماذا أقول.. ثم تذكرت زوجتي ولدي .. فشكرت الطبيبة على لطفها ومضيت لأرى زوجتي ....
لم تحزن زوجتي.. كانت مؤمنة بقضاء الله.. راضية... طالما نصحتني أن أكف عن الاستهزاء بالناس... كانت تردد دائماً، لا تغتب الناس ..
خرجنا من المستشفى، وخرج سالم معنا. في الحقيقة، لم أكن أهتم به كثيراً. اعتبرته غير موجود في المنزل. حين يشتد بكاؤه أهرب إلى الصالة لأنام فيها. كانت زوجتي تهتم به كثيراً، وتحبّه كثيراً. أما أنا فلم أكن أكرهه، لكني لم أستطع أن أحبّه !
كبر سالم.. بدأ يحبو.. كانت حبوته غريبة.. قارب عمره السنة فبدأ يحاول المشي.. فاكتشفنا أنّه أعرج. أصبح ثقيلاً على نفسي أكثر. أنجبت زوجتي بعده عمر وخالداً.
مرّت السنوات وكبر سالم، وكبر أخواه. كنت لا أحب الجلوس في البيت. دائماً مع أصحابي. في الحقيقة كنت كالعبة في أيديهم ..
لم تيأس زوجتي من إصلاحي. كانت تدعو لي دائماً بالهداية. لم تغضب من تصرّفاتي الطائشة، لكنها كانت تحزن كثيراً إذا رأت إهمالي لسالم واهتمامي باقي إخوته.
كبر سالم وكبُر معه همي. لم أمانع حين طلبت زوجتي تسجيله في أحدى المدارس الخاصة بالمعاقين. لم أكن أحس بمرور السنوات. أيّامي سواء . عمل ونوم وطعام وسهر.
في يوم جمعة، استيقظت الساعة الحادية عشر ظهراً. ما يزال الوقت مبكراً بالنسبة لي. كنت مدعواً إلى وليمة... لبست وتعطّرت وهمت بالخروج.. مرت بصالة المنزل فاستوقفني منظر سالم. كان يبكي بحرقة!
إنّها المرّة الأولى التي أنتبه فيها إلى سالم يبكي مذ كان طفلاً. عشر سنوات مضت، لم ألتفت إليه. حاولت أن أتجاهله فلم أحتمل. كنت أسمع صوته ينادي أمه وأنا في الغرفة. التفت .... ثم اقتربت منه. قلت: سالم! لماذا تبكي؟!
حين سمع صوتي توقّف عن البكاء. فلما شعر بقربي، بدأ يتحسّس ما حوله بيديه الصغيرتين. ما بِه يا ترى؟! اكتشفت أنه يحاول الابتعاد عني!! وكأنه يقول: الآن أحست بي. أين أنت منذ عشر سنوات ؟! تبعته ... كان قد دخل غرفته. رفض أن يخبرني في البداية سبب بكائه. حاولت التلطف معه .. بدأ سالم يبين سبب بكائه، وأنا أستمع إليه وأنتفض.
أتدري ما السبب!! تأخّر عليه أخوه عمر، الذي اعتاد أن يوصله إلى المسجد. ولأنها صلاة جمعة، خاف ألاّ يجد مكاناً في الصف الأوّل. نادى عمر.... ونادى والدته.. ولكن لا مجيب.. فبكى.
أخذت أنظر إلى الدموع تتسرب من عينيه المكفوفتين. لم أستطع أن أتحمل بقية كلامه. وضعت يدي على فمه وقلت: لذلك بكيت يا سالم !!..
قال: نعم ..
نسيت أصحابي، ونسيت الوليمة وقلت: سالم لا تحزن. هل تعلم من سيذهب بك اليوم إلى المسجد؟
قال: أكيد عمر ..... لكنه يتأخر دائماً ..
قلت: لا .. بل أنا سأذهب بك ..
دهش سالم .. لم يصدّق. ظنّ أنّي أسخر منه. استعبر ثم بكى. مسحت دموعه بيدي وأمسكت يده. أردت أن أوصله بالسيّارة. رفض قائلاً: المسجد قريب... أريد أن أخطو إلى المسجد - إي والله قال لي ذلك.
لا أذكر متى كانت آخر مرّة دخلت فيها المسجد، لكنها المرّة الأولى التي أشعر فيها بالخوف والنّدم على ما فرّطته طوال السنوات الماضية. كان المسجد مليئاً بالمصلّين، إلاّ أنّي وجدت لسالم مكاناً في الصف الأوّل. استمعنا لخطبة الجمعة معاً وصلى بجانبي... بل في الحقيقة أنا صليت بجانبه ..
بعد انتهاء الصلاة طلب منّي سالم مصحفاً. استغربت!! كيف سيقرأ وهو أعمى؟ كدت أن أتجاهل طلبه، لكني جاملته خوفاً من جرح مشاعره. ناولته المصحف ... طلب منّي أن أفتح المصحف على سورة الكهف. أخذت أقلب الصفحات تارة وأنظر في الفهرس تارة .. حتى وجدتها.
أخذ مني المصحف ثم وضعه أمامه وبدأ في قراءة السورة .... وعيناه مغمضتان ... يا الله !! إنّه يحفظ سورة الكهف كاملة!!
خجلت من نفسي. أمسكت مصحفاً ... أحست برعشة في أوصالي... قرأت وقرأت... دعوت الله أن يغفر لي ويهديني. لم أستطع الاحتمال ..... فبدأت أبكي كالأطفال. كان بعض الناس لا يزال في المسجد يصلي السنة ... خجلت منهم فحاولت أن أكتم بكائي. تحول البكاء إلى نشيج وشهيق ...
لم أشعر إلا ّ بيد صغيرة تتلمس وجهي ثم تمسح عنّي دموعي. إنه سالم !! ضمته إلى صدري... نظرت إليه. قلت في نفسي..... لست أنت الأعمى بل أنا الأعمى، حين انسقت وراء فساق يجروني إلى النار.
عدنا إلى المنزل. كانت زوجتي قلقة كثيراً على سالم، لكن قلقها تحوّل إلى دموع حين علمت أنّي صلّيت الجمعة مع سالم ..
من ذلك اليوم لم تفتني صلاة جماعة في المسجد. هجرت رفقاء السوء .. وأصبحت لي رفقة خيّرة عرفتها في المسجد. ذقت طعم الإيمان معهم. عرفت منهم أشياء ألهتني عنها الدنيا. لم أفوّت حلقة ذكر أو صلاة الوتر. ختمت القرآن عدّة مرّات في شهر. رطّبت لساني بالذكر لعلّ الله يغفر لي غيبتي وسخريتي من النّاس. أحست أنّي أكثر قرباً من أسرتي. اختفت نظرات الخوف والشفقة التي كانت تطل من عيون زوجتي. الابتسامة ما عادت تفارق وجه ابني سالم. من يراه يظنّه ملك الدنيا وما فيها. حمدت الله
كثيراً على نعمه.
ذات يوم ... قر أصحابي الصالحون أن يتوجّهوا إلى أحدى المناطق البعيدة للدعوة. تردّدت في الذهاب. استخرت الله واستشرت زوجتي. توقعت أنها سترفض... لكن حدث العكس !
فرحت كثيراً، بل شجّعتني. فلقد كانت تراني في السابق أسافر دون استشارتها فسقاً وفجوراً..
توجهت إلى سالم. أخبرته أني مسافر فضمني بذراعيه الصغيرين مودعاً...
تغيّبت عن البيت ثلاثة أشهر ونصف، كنت خلال تلك الفترة أتصل كلّما سنحت لي الفرصة بزوجتي وأحدّث أبنائي... اشتقت إليهم كثيراً ..... آآآه كم اشتقت إلى سالم !! تمنّيت سماع صوته... هو الوحيد الذي لم يحدّثني منذ سافرت. إمّا أن يكون في المدرسة أو المسجد ساعة اتصالي بهم.
كلّما حدّثت زوجتي عن شوقي إليه، كانت تضحك فرحاً وبشراً، إلاّ آخر مرّة هاتفتها فيها. لم أسمع ضحكتها المتوقّعة. تغيّر صوتها ..
قلت لها: أبلغي سلامي لسالم، فقالت: إن شاء الله ...
وسكت...
أخيراً عدت إلى المنزل. طرقت الباب. تمنّيت أن يفتح لي سالم، لكن فوجئت بابني خالد الذي لم يتجاوز الرابعة من عمره. حملته بين ذراعي وهو يصرخ: بابا .. بابا .. لا أدري لماذا انقبض صدري حين دخلت البيت.
استعذت بالله من الشيطان الرجيم ..
أقبلت إليّ زوجتي ... كان وجهها متغيراً. كأنها تتصنع الفرح.
تأمّلتها جيداً ثم سألتها: ما بكِ؟
قالت: لا شيء
فجأة تذكّرت سالماً فقلت .. أين سالم ؟
خفضت رأسها. لم تجب. سقطت دمعات حارة على خديها
صرخت بها ... سالم! أين سالم .؟
لم أسمع حينها سوى صوت ابني خالد يقول بلغته : بابا ... ثالم لاح الجنّة ... عند الله... لم تتحمل زوجتي الموقف.
أجهشت بالبكاء كادت أن تسقط على الأرض، فخرجت من الغرفة.
عرفت بعدها أن سالم أصابته حمّى قبل موعد مجيئي بأسبوعين فأخذته زوجتي إلى المستشفى .. فاشتدت عليه الحمى ولم تفارقه .... حين فارقت روحه جسده ..
إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله
إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله
لقد اراد الله سبحانه وتعالى ان يهدي والد سالم على يد سالم قبل موت سالم

رقت عليك عيني شوقا ايها الحبيب



أربعة أيام قبل غروب الشمس المحمدية …

اشتد الوجع بالحبيب حتى لم يعد قادرا على إمامة الناس في الصلاة

” مروا أبا بكر فليصل بالناس ” …

و يمر يومان ، فيجد الحبيب في نفسه شيئا من الخفة …

فيسرع إلى مهوى فؤاده و قرة عينه .. إلى الصلاة

خرج الحبيب بين رجلين يعينانه لصلاة الظهر …

و هو الطود الشامخ الذي كان إذا مشى فكأنما ينحدر من عَلٍ لسرعة خطوه صلى الله عليه سلم

هم الصديق أبو بكر أن يتأخر للحبيب ليؤم هو المصلين ،

فأشار إليه أن الزم مكانك ،  و جلس …

نعم ، جلس النبي الحبيب المصطفى الذي كانت قدماه تتفطر من كثرة وقوفه مصليا

و لصدره أزيز كأزيز المرجل  و هو الذي غفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر

فأبى إلا أن يكون عبدا شكورا

يا حبيبي يا أكمل الخلق و سيدهم و أعظمهم

تفطرت قدماه و اشتد به الوهن فلم يعد قادرا على الوقوف !!

جلس إلى يسار أبي بكر ، فكان الصديق يقتدي بصلاة الحبيب و يسمع الناس التكبير
_________________
قبل يوم من الرحيل ..

بينما المسلمون في صلاة الفجر …امتدت يد كريمة …

يد طالما و سعت أكف العبيد و اليتامى و الأرامل   بل حتى البهائم تمسح عليهم و تواسيهم

امتدت يده الشريفة صلى الله عليه و سلم لتزيح ستر حجرة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ،

و ابتسم …

ابتسم الثغر الوضيء و استنار الوجه الشريف لكأنه قطعة قمر

قد بلغ الرسالة .. و أدى الأمانة .

ابتسم لتلك الجموع … ألوان شتى و قبائل متفرقة و أنساب متباعدة و مواطن مختلفة

وَ حَّدهم دين لو انتزعت أرواحهم انتزاعا من صدورهم ما تزحزحوا عنه قيد أنملة

أشداء على الكفار و أعداء الله و الرسول  رحماء بينهم كالأخوة ، بل أكثر .
____________
ابتسم الحبيب

ابتسامة مشرقة في خفوت   كأنما جاءت على استحياء

لتخط خطوطها في وجه بدا في أحلك ساعات المرض

كبدر شاحب يودع آخر أيامه  و أطلت من عينينه الكريمتين

عينيه التين أرهقهما كثرة السهاد و البكاء

تارة من خشية الله   و أخرى رحمة بأمته و خوفا عليهم

أطلت تلك النظرة ، نظرة الرضا و الحب و الإشفاق و الشوق …

قد رضي عن أصحابه و رضوا عنه

و رضي عن ربه و رضي الله عنه ، و هو المرضي عنه عليه الصلاة و السلام

و أشفق عليهم مما يلاقونه بعده من فتن

و اشتاق … لنا
حتى آخر لحظاته .. كنا نشغل تفكيره

” وددت أن لو رأينا إخواننا … “
“أولسنا إخوانك يا رسول الله ؟ “
” لا أنتم أصحابي و إخواني فقوم يأتون من بعدي يؤمنون بي ولا يروني “
__________
و هم المؤمنون أن يفتنوا في صلاتهم فرحا بالحبيب

فأشار إليهم أن أتموا صلاتكم  و غاضت الابتسامة شيئا فشيئا …

و أرخى الحبيب الستر …

و لم يرفعه مرة أخرى …

لعمري لو كان الستر إنسا لبكى حنينا ليد الحبيب   كما حن إليه الجذع الذي كان يخطب مستندا إليه

و عاد الحبيب إلى داخل الحجرة …و على استحياء و ألم  و بين دموع و زفرات

نتبع الحبيب

لنشهد معه آخــــــــــر السويعات في حياته العظيمة
___________________
بدأت ساعات الاحتضار

فأسندته السيدة عائشة رضي الله عنها إليها    و بين يديه إناء فيه ماء

فجعل يدخل يده الشريفة في الماء فيمسح بها

جعل الحبيب يمسح الوجه الشاحب الذي يتفصد عرقا كحبات اللؤلؤ المنثور

و جعل يردد” لا إلـــه إلا اللــــه .. إن للموت سكرات “

يا حبيبي يا رسول الله  يا حبيبي يا حبيب الله

و يرددها بصوت ضعيف

الصوت الذي لطالما أطلقه عاليا ليجلجل في أسماع الكفار و المشركين

أنــا النــــبي لا كـــذب
أنــا ابــن عبـد المـطـلب

” و الله يا عم ، لو وضعوا الشمس في يميني و القمر في يساري على أن أترك 


هذا الدين ما تركته ، حتى يظهره الله أو أهلك دونه “

صلى الله عليك و سلم يا حبيب القلوب و مهوى الأفئدة
___________________
و حانت لحظت الوداع

و آن للجسد المكدود أن يستريح  و شخص بصر الحبيب نحو السقف  و تحركت شفتاه

” مع الذين أنعمت عليهم من النبيين و الصديقين و الشهداء و

الصالحين ، اللهم اغفر لي و ارحمني ، و ألحقني بالرفيق الأعلى “

و رفع يديه الشريفتين

” بل الرفيق الأعلى “   ” بل الرفيق الأعلى “

” بــــ..ـــل  الـ… رفيـ..ق  الـ..أ..علـ..ى…”

و خفت الصوت

و سكنت الأنفاس اللاهثة  و مالت اليدان  و انحنى الرأس

و فاضت الروح الطاهرة

عادت إلى حيث مستقرها

“يا أيتها النفس المطمئنة ، ارجعي إلى ربك راضية مرضية “

و علا النحيب و دوت الصيحة ……و كانت الصدمة ….
____________
ناحت النساء …. لعظم الهول  و اضطرب الناس في المسجد

حتى سيدنا عمر … أسد الله و عدو الشيطان  فقد صوابه

و راح يردد أن الحبيب لم يمت و إنما ذهب إلى ربه كما ذهب موسى و سيعود كما عاد

و في قرارة نفسه كان يدرك أن الحبيب رحل

رحل و لن يعود  و لكن …

كان الخطب أعظم من أن يتحمله حتى رجل في بأس عمر
___________________
و حده

وحده الصديق  رفيق الدرب و خليل الدين  و الصاحب في الشدة و اللين

و حده انسل من بين الناس ، حتى دخل الحجرة  إلى حيث الجسد الطاهر مسجى

فكشف عن الوجه الشريف الستر  و تأمل تلك الملامح النورانية المطمئنة

النائمة في سلام أبدي
___________________
ثم أكب عليه  يقبله و يبكي و يبكي ويبكي

” بأبي أنت و أمي يا رسول الله

طبت حيا و ميتا  طبت حيا و ميتا

لا يجمع الله عليك موتتين

أما الموتة التي كتبت عليك فقد متها ” …
________________
و ااااااااااااااااااااحبيباه
واااااااااااااااارسولاه
واااااااااااسيداه

سلام الله عليك و صلواته  طبت حيا وميتا

يا من أعطاك الله دعوة لا ترد فأبيت أن تطلبها لنفسك أو لدنياك

أبيت إلا أن تختبئها عند ربك و لمن يا حبيب القلوب ؟

لأمتك

آثرت أن تختبئها شفاعة لأمتك يوم القيامة
” إن الله لم يبعث نبيا إلا و أعطاه دعوة ، و إن الله أعطاني دعوة فاختبأتها عند ربي شفاعة لأمتي يوم القيامة “

يوم الكل مشغول بنفسه  إلا أنت أيها الحبيب

أمتي … أمتي

يا رب سلم يا رب سلم

أمتي .. أمتي
__________________
أمتك يا حبيبي يا رسول الله ؟

و ما أدراك ما أمتك ؟؟؟

إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ... أهملوا سنتك

و منهم من إذا ذكر بها ازداد عنها تغافلا  و مضى كأن في أذنيه وقرا
____________________
كان آخر ما قاله الحبيب : ” الصلاة الصلاة ، و ما ملكت أيمانكم “

فأين أنت من صلاته ؟! أم هي كنقر الديكة ؟  كانت آخر آية من القرآن

و اتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون

هل فكرت أبدا في ذلك اليوم ؟  و ماذا فعلت بعدها بتفكيرك ؟
__________________________
ما أعددت لتقدمه بين يدي الحبيب حين يجري إليك فاتحا ذراعيه

فإذا الملائكة تجرك إلى النار

فيفزع الحبيب ” إنه من أمتي … من أمتي “

فتجيب الملائكة : ” إنك لا تردي ما أحدثوا بعدك … “

ما أحدثت بعده ؟

فيم أفنيت الأعوام السابقة من عمرك ؟  فيم استغللت أيام الشباب و أوقات الفراغ ؟

فيم استعملت لسانك ؟  فيم استعملت نظرك ؟  كم تحفظ من القرآن ؟؟؟؟

و هل تتعهد ما حفظته بالمراجعة ؟؟؟

هل تحافظ على التسبيحات و الاستغفار و الأوراد ؟؟؟

أتصلي الفجر في المسجد جماعة ؟ أم في بيتك ؟

أم في سريرك ؟!!!! أتعرف فضل ركعتي الضحى ؟

أم أنك لا تصليهما أصلا ؟ كم حديثا تحفظ عن النبي ؟

فيم تستغل أوقات فراغك ؟ ماذا تقرأ ؟ و ماذا تشاهد ؟؟؟؟

كل هذا محفوظ و مسجل

__________________________

ماذا تقول له غدا ؟؟؟؟

حين تقوم لرب العالمين

_________________________

قف مع نفسك الآن وقفتها

هذا أوانه  قبل أن تجلس مجلسا

قد لا تقوم منه بعدها أبدا

________________________

و صلى اللهم على سيدنا محمد الحبيب المصطفى و على أزواجه أمهات المؤمنين و على آل بيته و ذريته و أصحابه أجمعين


المصدر:شبكة ابويوسف http://merimiweb1.blogspot.com/2014/03/blog-post_1.html#ixzz3FVfJ3zyY